Technologies Of the World

Would you like to react to this message? Create an account in a few clicks or log in to continue.

forum of technologie and shopping

Log in

I forgot my password


2 posters

    علم النفس الاجتماعي

    ثمازيغث
    ثمازيغث
    لـــــــواء
    لـــــــواء


    Female
    عدد الرسائل : 88
    العمر : 41
    تاريخ التسجيل : 2009-08-30

    علم النفس الاجتماعي Empty علم النفس الاجتماعي

    Post by ثمازيغث Thu Sep 10, 2009 2:02 am

    تعريف علم النفس الاجتماعي :

    فقد عرفه " دانييل كاتز " مبرزا التأثيرات المتبادلة بأنه ( الميدان الذي يدرس الكائنات من حيث أنها تؤثر وتتأثر بالآخرين من أقرانها .)
    وعرفه " بارون ، وبايرن Baron ,Byrne " مبرزا الجانب العملي من عملية التأثيرات المتبادلة بأنه ( الدراسة العلمية للطرائق التي لا حصر لها والتي بها نتأثر بالأفراد المحيطين بنا، وغالبا ما تنبع هذه التأثيرات من أفعالهم ... المتضمنة في خصائصهم الشخصية، وأحيانا تنبع من مجرد حضور الآخرين، أو حتى أفكارنا أو ذكرياتنا عنهم) .
    وعرفه " برشانسكي وسيدنبرج Proshansky and Seidenberg " مبرزا الوقف السلوكي في المجال بأنه (الدراسة العلمية لسلوك الفرد بما يتضمنه من خبرة ذاتية في مجال وموقف اجتماعي يؤثر ويتأثر به .)
    وعرفه " كلينبرج Klinberg " بأنه : دراسة الفرد في موقف الجماعة .
    وعرفه " كمبالاينج K.young" مبرزا التفاعل بين مكونات الجماعة بأنه (دراسة الأفراد في صلاتهم البينية المتبادلة أي: صلات بين فرد وفرد، صلات بين فرد وجماعة، صلات بين جماعة وجماعة،) من حيث أن هذه الصلات تولد التفاعل .
    وعرفه " ألبورت G.w.Allport "مبرزا بعد التخيل بجانب البعد الواقعي لوجود الآخرين في عملية تبادل التأثير بين العناصر المتفاعلة على أنه (محاولة لفهم وتوضيح كيف أن تفكير وشعور وسلوك الأفراد يكون متأثرا بالوجود الضمني أو الواقعي أو المتخيل للآخرين .).
    واهتم أبو النيل بعلم النفس الاجتماعي من حيث هو (دراسة علمية تفاعلية لسلوك الفرد وخبرته والمجال الذي يتم فيه السلوك) ويعني بسلوك الفرد وخبرته دراسة كافة العمليات النفسية التذكر والتفكير والذكاء والاتجاهات والميول والانفعالات...الخ، ويعني بالمجال كل ما يتعلق بالمجال الحيوي الثقافي الذي يحيا فيه الفرد بما في ذلك الثقافات الفرعية الاثنية والطبقية والحضرية والريفية والمجتمعية ...الخ كما يتضمن المجال المجتمع المخطط أو المصنوع ويقصد به أبو النيل المجتمع الذي يقوم الباحث بإعداده للدراسة وفقا لمحكاته وأدواته المنطقية والأمبيريقية . ( 1: 79 ـ 80 ).

    ـ موضوع علم النفس الاجتماعي :
    من المقاربات الابستمولوجية السابقة يتضح ان علم النفس الاجتماعي كعلم تطبيقي يهتم بدراسة الانسان من حيث هو كائن اجتماعي فيدرس تأثيرات الفرد كذات وسيكولوجية خاصة في المحيط الاجتماعي بما يتضمنه من طبيعة فيزيقية واجتماعية في آن واحد، وهو بذلك يهتم بدراسة الكيانات الاجتماعية والمؤسسات والجماعات ذات الطابع الاجتماعي المنظم وعلاقتها بالفرد، فيهتم بدراسة التأثيرات المتبادلة والعلاقات بين الأفراد والجماعات التي ينتمون إليها ( 2 : 54 ) ويهتم بذلك سواء في الأسرة أو في الزمر الاجتماعية والحماعات المهنية والعلمية والأيديولوجية والنقابية أو في مؤسسات رسمية أو غير رسمية أو في إطار الانتماء الاجتماعي القومي أو الانساني، فالفرد في الجماعة أينما وجد وبأي صفة كان وجوده هو موضوع علم النفس الاجتماعي. وبالتالي فهو يدرس إجمالا ما اصطلح عليه بدينامية الجماعة من حيث هي متحركية الفرد المنتمي لجماعة ومتحركية الجماعة المتكون من بنيات وعناصر وتفاعلات .

    ـ تحديد العلاقات بين علم النفس الاجتماعي والعلوم الأخرى .

    أ ـ علاقة علم النفس الاجتماعي بعلم الاجتماع :
    يمكن اعتبار مقولة أن مجموعات الظواهر تجد الشروط الضرورية لوجودها في المجموعة السابقة لها، وأن ثبوت العلاقة بين الظواهر الاجتماعية بشروطها البيولوجية والنفسية تكون المدخل المناسب في تحديد العلاقة بين علم النفس الاجتماعي وعلم الاجتماع، فمن حيث أن علم النفس الاجتماعي هو ظاهرة أكاديمية ـ إن صح التوصيف ـ تتعلق بدراسة سلوك الإنسان كمحتوى فيزيولوجي وسيكولوجي، وسوسيولوجي، فهو ـ أي علم النفس الاجتماعي ـ في أكثر تمظهراته الأكاديمية الأولية يعد من نتائج ومترتبات تفاعل البحث في علم الاجتماع، حيث ترتب عن تطورات علم الاجتماع ودراسة الظواهر الاجتماعية عدة إشكالات وتساؤلات حول دور الأفراد وما للشروط البيولوجية وعلم وظائف الأعضاء من دور في تكوين الظاهرة الاجتماعية من جهة وما للتصورات الاجتماعية والأفكار الجامعة من دور في الشخصية من جهة أخرى. وما قانون الأحوال الثلاثة لأوجست كونت من حيث هي قوانين اجتماعية ـ بغض النظر عن صحتها ـ إلا معرفة بتطور تاريخ الذكاء، وقد طبق على المستوى الفردي في النمو حيث وجد من الباحثين من يعتقد بأن الطفل يبدأ في النمو بالمرحلة اللاهوتية ثم الميتافيزيقية ثم الوضعية . وهو ما يعد برهانا بنفوذ الحياة العقلية في الحياة الاجتماعية، وتأكيد أن التأثيرات التي تحدثها الأجيال السابقة على الأجيال اللاحقة إنما يتم بالشروط البيولوجية والنفسية، ويعد كل ذلك تأكيدات على جدل الذات من حيث هي الفردية والمجال المركزي لعلم النفس، والموضوع من حيث هو الجماعة والمجتمع والمجال الحيوي لعلم الاجتماع، ومن ثمة فيعتقد أن هذه الملاحظات فتحت منافذ واسعة لتأسيس علم النفس الاجتماعي ، يحتل حسب زعم " بلوندل " أو على الأقل ينازع مكانة علم النفس العام ويحاول تفسير العمليات العقلية في ضوء شروطها الاجتماعية ( 3: 131 )
    ومن الناحية التاريخية نجد العلاقة بين العلمين ثابتة وواضحة في أعمال الأوائل المؤسسين لعلم الاجتماع من الفلاسفة كـ" اوجست كونت، ودور كايم، وتارد " فمبادئ ومعارف علم النفس الاجتماعي قبل تأسيسه كانت مبثوثة بوضوح في أفكار واستنتاجات هؤلاء العلماء .حيث يؤرخ لعلم النفس الاجتماعي بأعمال ومبادرات دوركايم وتفسيراته للعلاقة بين ما هو عقلاني بما هو اجتماعي رغم تطرفه في واقعية وموضوعية المجتمع ووجوده كمعطى سابق عن الأفراد، ومبثوثة كذلك في آراء تارد رغم تطرفه في القول بأن المجتمع ذا وجود مجرد عقلاني ولا واقع له والفرد هو الموجود وجودا حقيقيا، فعلى الرغم من هذا التطرف عند العالمين فإنهما يبدوان اتفاقا واضحا في أن الحياة العقلية ما هي إلا ظلا للحياة العضوية، والإنسان عقل ويعد عقله ظلا للحياة الاجتماعية والحضارية، فالحياة النفسية بحسب "بلوندل " تمتد وتزدهر لتصبح حياة اجتماعية . ( 3: 115 ) . فمن هذا الاتفاق تأكد من الناحية التاريخية لدى كثير من المفكرين بأن علم النفس الاجتماعي في أصله فرع من فروع علم الاجتماع. وارتبط بعلم الاجتماع ارتباطا عضويا، من حيث المنهج والتفسير .
    فمن حيث المنهج : رغم تميز الدراسات النفسية الاجتماعية في طريقة معالجتها ومقاربتها للظواهر محل الدراسة عن المقاربات والطرق المؤلوفة في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا، بأن يتخذ علم النفس الاجتماعي الفرد والدراسة التحليلية السيكولوجية منطلقا لها وينحاز لها عكس الدراسات في علم الاجتماع، فإنه رغم ذلك لا يستغني عن مناهج علم الاجتماع وإدراج الجماعة والمؤسسة كوحدات لها نفوذها في الفرد وصياغة شخصيته، فهو يتعاطى مع أدواته التحليلية فالعقل الجمعي واللاشعور الجمعي والأنا الجمعي مثلا لها معالمها في شخصية الفرد وسلوكه ولا يمكن الوقوف عليها ومعرفتها بدراسة عمق الإنسان وحده بل بدراسة عمق الجماعة وتمييز ما هو مشترك مؤثر في شخصية الأفراد . ويترتب عن ذلك دراسة الظاهرة النفس اجتماعية على مستويات ثلاثة( تحليل الفرد، تحليل الجماعة كمعطى، تحليل المؤسسة والمنظمة) وهو ما جعل الدراسات في علم النفس الاجتماعي تستعين بطرق ومناهج علم الاجتماع في دراسة الزمر .كالمناهج البنيوية والوظيفية وتحليل المعايير القيم والكشف عن محددات سلوك الجماعة ومدى تأثر الفرد بها أو تأثيره فيها .
    أما من حيث التفسير، فعلم النفس الاجتماعي وفقا لموضوعاته التي لا تنفصل عن علم الاجتماع . من حيث أن لها امتدادات مزدوجة تمس الفرد والجماعة فهي متعددة العوامل والمحددات التي تتفاعل لتكون الظاهرة. فظاهرة الانطواء الذي يظهر على فرد ما ينتمي لجماعة معينة لا يمكن تفسيره بمحددات الشخصية وحدها بل بتفاعل المحددات الشخصية الوراثية والمحددات البيئية الطبيعية والاجتماعية، فكثير من الدراسات تكشف أن بعض سمات الشخصية تكونت نتيجة عوامل ثقافية والأساليب النمطية في التنشئة الاجتماعية، ووجد أن التعصب كثيرا ما يفسر في ضوء تفاعل الجماعة والمكانة المنخفضة للمتعصب داخل الجماعة .

    ب ـ علاقة علم النفس الاجتماعي بالأنثروبولوجيا:ـ
    اختصت الدراسات الأنثروبولوجية من حيث هي علم سلوك الإنسان ـ بصفة عامة ـ بدراسة سلوك التجمعات البشرية البدائية للوقوف على طبيعة السلوك الفردي والاجتماعي وأصله وهي في ذلك تتناول الظاهرة الاجتماعية في بداية تشكلها كنظام ثقافي اجتماعي عام يتجلى في سلوكات الأفراد كدراسة العائلة كنظام والقرابة كنظام والفن كنظام والثقافة كنظام يؤثر على نمط حياة الرهط والتجمعات والقبائل الأولى، وهي بذلك تشترك موضوعاتها وتتداخل بموضوعات علم النفس الاجتماعي الذي يدرس سلوك الإنسان كوحدة فردية اجتماعية، ولذلك فالفرق بينهما لا يرى إلا من حيث طريقة المقاربة للظواهر من حيث العمومية والخصوصية، حيث يتناولها علم النفس الاجتماعي كظواهر جزئية خاصة فيدرس الطلاق والزواج والجريمة كموضوعات جزئية لها علاقة بالشخصية والجماعة، لا كأنظمة ثقافية كما هو في الأنثروبولوجيا .
    وتبرز العلاقة بين العلمين أكثر في الجانب النفعي منها خاصة، فقد وفرت الدراسات الانثروبولوجيا حول المجتمعات البدائية أفكار هامة مبثوثة ثقافية ذات العلاقة الوطيدة بموضوعات علم النفس الاجتماعي كما حددها لا حقا علماء النفس الاجتماعي وهو ما أعده الباحثون الرصيد المعرفي الأول الذي وفرته تلك الدراسات لتأسيس علم النفس الاجتماعي لاحقا، وتزويده بمفاهيم ومصطلحات جاهزة للاستعمال، حيث مكنت من معرفة طبيعة الظاهرة النفسية الاجتماعية وكيف نشأت ورصد الاختلافات بين الأمم والشعوب والعصور في استجابات الأفراد وسلوكاتهم تجاه مثيرات البيئة الاجتماعية والايكولوجية، كما في دراسات مارجريت ميد التي كشفت عن عالمية ظاهرة المراهقة من حيث مكوناتها الفطرية، وخصوصيتها أو طابعها المحلي وتمايزها من حيث الاستجابات. ومن هذه الدراسات وتطور تقنياتها المنهجية استفاد علم النفس الاجتماعي باستخدام تقنيات البحث الأنثروبولوجي، كأساليب الملاحظة والاختبارات وأدوات القياس . ( 1 : 134 ـ 135 ) .

    ج ـ علاقة علم النفس الاجتماعي بعلم النفس :
    يدرج معظم علماء النفس علم النفس الاجتماعي، كعلم تطبيقي تفرع عن علم النفس العام ومن ذلك ما نجده في تعريف غريب له في المنهل التربوي حيث يؤكد بأنه " يكون أحد فروع علم النفس، ويتناول الظاهرة الاجتماعية بالدرس والتحليل في بعديها الأفقي والعمودي، الأفقي بإتباع التحليل السوسيولوجي والعمودي بإتباع التحليل السيكولوجي ( 4 : 789). والواضح من هذا التعريف مدى ارتباط العلمين منهجا وموضوعا، بل ومدى التداخل وانصهار أحدهما في الأخر في كثير من الحالات بحيث يصعب تصور الفرد المتفرد كمجموعة غرائز داخلية ذاتية ويصعب تصور الجماعة خارج نطاق الأفراد، فالفرد يتضمن الآخر فيصبح بالضرورة جماعة، وممثلا، وبهذا الصدد يقول فرويد : تنطوي حياة الفرد النفسية على وجود فرد آخر على الدوام باعتباره نموذجا أو موضوعا أو نصيرا أو خصما، بحيث يكون علم النفس الفردي منذ البداية علم النفس الاجتماعي . وقبل ذلك يعد تفسير فرويد للمجتمع البدائي في ضوء ما يسميه الطوطم من حيث هو الذكر القوي الأب الذي تخضع له القبيلة ويتميز بالقدرة الكاملة على السيطرة، إقرار صريح من متطرفي التحليل النفسي منذ البداية بنفوذ الفرد في الجماعة . ويذهب كلينبرج وهو من علماء النفس الاجتماعي إلى هذا المنحى حيث يقول " أن علم النفس الفردي هو في نفس الوقت علم النفس الاجتماعي، حيث أن علم النفس العام أو الفردي يهتم بدراسة العمليات النفسية الفردية وعلاقتها بالبيئة، ويدرس علم النفس الاجتماعي التأثير المتبادل بين العمليات العقلية والبيئة الاجتماعية .ومن ثمة فهم في وضعية التطابق، فكلاهما يدرس الذكاء والوجدان والاتجاهات والتنشئة الاجتماعية والتفاعل والذاكرة والتفكير ...الخ . ولعل ثبوت عدم إمكانية رؤية الفرد مستقلا عن الجماعة ومعزولا تماما، حتى على مستوى البيئة المصطنعة للبحث واستحالة استبعاد قدرات الفرد وسمات شخصيته من الاستجابة للمنبهات الطبيعية والاجتماعية يعد ذلك أهم دليل برهاني آلي على الترابط العضوي الحتمي بين العلمين، فدراسة توافق الأفراد والجماعات يتم من خلال الدراسة النفسية لظاهرة التوافق في السياق الجماعي المجتمعي، وليس مجرد استجابة عن مثير؛ حيث تدرس الدوافع والتفكير والرغبات والإدراك وطريقة التعلم والتنشئة الاجتماعية والتفاعل والتأثير المتبادل والتكيف كمحددات لسلوك التوافق . ومن ثمة تفسر في ضوء تلك العوامل مجتمعة . ويمكن من خلالها فهم تعلم الأفراد للسلوك الاجتماعي وكيف يدرك الفرد الآخرين وكيف يستجيب للمواقف الاجتماعية المعقدة بمدركاته ( 5: 81 ـ 82)

    د ـ علاقة علم النفس الاجتماعي بعلوم التربية : ـ
    تعد التربية من العلوم اللصيقة بعلم النفس الاجتماعي، فالتربية في شكلها المؤسسي أو التلقائي العفوي غير الرسمي، هي فعل يجري في جماعة ( شخصين فأكثر) بغرض استحداث تأثير ما بين أطراف الفعل؛ فالتربية توجد أينما وجد التفاعل بين الصغار والكبار في صيغة التنشئة الاجتماعية أو التربية النظامية المقصودة، والتعريف التقليدي لدور كايم للتربية يرسخ منحى التفاعل كوظيفة مركزية للتربية حيث عرفها على أنها تلك الأعمال التي يمارسها الكبار تجاه الصغار من أجل دمجهم في السلك الاجتماعي . فالتربية إذن مساحة للتفاعل البيداغوجي والتأثير بين الأنا والموضوع الخارجي( الإنسان الآخر، الموضوع، الأشياء الطبيعية...الخ ) وهو ما يعد الموضوع المركزي لعلم النفس الاجتماعي، وبذلك فالتربية في ظل هذا المفهوم تعد من أهم مواضيع أو الظواهر التي يدرسها علم النفس الاجتماعي وميدان فسيح لتطبيقاته .
    ومن منظور التحليل النفسي وحسب " أريكسون Erickson " أن تربية الطفل هي طريقة الجماعة في نقل وحدتها الجماعية إلى خبرات الطفل البدنية المبكرة وذاته الناشئة، وينتقل الطفل إلى الوحدة الاجتماعية بتربية انفعالاته في نطاق الجماعة، حيث يبني الطفل مثله الأعلى الذي يتناغم مع شخصيته ويؤهله للتكيف الاجتماعي .
    ومن منظور التنشئة الاجتماعية من حيث هي فرع من فروع علوم التربية فيعد الفرد محل تمثل الأساليب الاجتماعية بعملية التقمص والتوحد التي تبدأ بالوالدية ثم تتعمم إلى من يمثلهما من المجتمع كالمعلم والمدير والرئيس والشيخ ...الخ .وبقدر استجابة الفرد وتقبله للثواب والعقاب ومختلف القوانين والقواعد الاجتماعية بقدر ما يحصل تكيف الطفل وانسجامه الاجتماعي. وبقدر ما يفتح المجتمع فرص الإشباع للذات بقدر ما يتحقق للطفل توكيد ذاته في نطاق اجتماعي معين، ودلت بحوث العالمة الأنثروبولوجية "مرجريت ميد" أن الطفل ينتقل عن طريق التربية من حالته الطبيعية البيولوجية حيث تمركز سلوكه حول الاستجابة للمنبهات البيولوجية، تطبع سلوكاته بالغريزة والإشباع الآلي، إلى حالته الثقافية حيث تتركز سلوكاته حول الاستجابة للمنبهات والمثيرات الاجتماعية فتطبع سلوكه بكل ما هو اجتماعي ويتميز بالإشباع النوعي الواعي ويتراجع سلوكه المشبع بالغرائز كلما نمى في اتجاه التكيف والتوافق، أو ما يسمى بالكائن الاجتماعي وهو الكائن الذي لا نلمسه كوجود عيني في خريطته الجينية إلا عن طريق التربية والمكتسبات الاجتماعية، فالتربية إذن تعمل لنضج كيانين في كيان واحد، يعتقد أن لهما أصولهما الفطرية، يتعلق أحدهما بتحقيق الكائن الفردي المستقل في ذاته المتميز عن الآخرين، والكائن الاجتماعي المتكيف والمندمج والمتوافق مع نظام الأفكار والمعتقدات والأخلاق والمعايير والقوانين والتقاليد والأعراف ( المجتمع ) ( 6: 14 ـ 18) . ويتوقف تحقيق الكائنين على مدى تحقيق التربية للنضج السيكولوجي للفرد . الأمر الذي لا يمكن للتربية تحصيله أو بلوغه إلا بالاعتماد على معطيات بحوث علم النفس الاجتماعي التي تتناول قضايا التكيف والتأقلم والتفرد والاستقلال ...بمنهج ورؤية تكاملية تفاعلية بين الظاهرة والذات، أو بين الموضوع المدرك والذات المدركة .
    وتتعاظم علاقة علم التربية بعلم النفس الاجتماعي المدرسي عند الفرويديون الجدد من بينهم اريك فروم، والسيدة كارني هورني، وأدلر، وهاري ستاك سوليفان؛ فالفرد عندهم ليس بنظام مغلق بدوافع فزيولوجية بقدر ما هو مشدود إلى دوافع خارجية اجتماعية تقوم التربية بتيسير إشباعها وتمكين الفرد من أداء دوره الاجتماعي بالتأهيل الاجتماعي اللازم لتحقيق الذات . وهو الأمر الذي يجعل اللجوء للتربية من أجل معرفة الأساليب التربوية والعوامل الاجتماعية للشخصية من الأمور الحيوية في دراسات علم النفس الاجتماعي. فتداخل اهتمامات علوم التربية كبيداغوجيا وعلم النفس الاجتماعي كبحوث أكاديمية جعلهما علمان متكاملان يتعاضدان من أجل أهداف واحدة تتعلق بتكوين الشخصية المعيارية
    وتعد المدرسة كمؤسسة تربوية رسمية أهم مؤسسة تعمل بانتظام وأهداف تتعلق بالكائن الاجتماعي باستهدافها للشخصية النمطية وفق مقتضيات ثقافية في الزمان والمكان، فرغم تمظهرها بالحياد العلمي تجاه كثير من القضايا الثقافية الاجتماعية وتركز نشاطاتها التربوية على تحقيق وإنماء الذات وفعالية الشخصية السوية من الناحية السيكولوجية والاجتماعية، وتولد الخبرة العلمية والمهارة، اللازمة للمؤسسات والأنشطة الوطنية من أجل ترقية الأداء الفردي والاجتماعي وتأهيلهما في سياق حضاري معين . إلا أنها تعد من جهة أخرى المكان أو المحضن الذي يتم فيه تحويل وانتقال الكائن من كونه طفل إلى كونه تلميذ و المدرسة كمؤسسة اجتماعية و بدورها التربوي تعد من العوامل الرئيسيـة المنظمة والهادفـة التـي تعمـل على مساعدة الفرد ليصبح أكثر تأثيرا بالمنظومة القيمية و الاجتماعية .
    والطفل عبر هذا الانتقال، الموجب لتكيفه الاجتماعي، يتعرض بشرعية قوية في المدرسة وباستسلام تام للأولياء لما يسميه باسونز وبورديو بـ "التعسف الثقافي للمدرسة" . فكل الأنظمة الاجتماعية ( الثقافة، السياسة الأيديولوجيا، الدين، الأخلاق، الاقتصاد، العرف، إنما يتمثله الطفل كرها ويشكل تفكيره وعقله وأسلوب حياته وحتى حركاته وتموضعاته في المكان عن طريق ما تمارسه المدرسة من انضباط تعسفي . فقولبة الجسد والفكر وتنميط الشخصية وتكوين الطباع هي من مهام المدرسة حديثا وقديما.

    وخلاصة القول في العلاقة بين التربية وعلم النفس الاجتماعي هو ثبوت العلاقة التبادلية بينهما، فمن خلال وظائف المدرسة التي طرقناها يتضح مدى أهمية المدرسة كحقل معرفي ومعطى بيئي لعلم النفس الاجتماعي ودراساته، فالتلميذ مادة خام لدراسة عوامل ومحددات الشخصية في بعديها الاجتماعي والذاتي ودراسة مختلف التوافقات وأنماط الاتصال والتفاعل الاجتماعي في الجماعات والأفواج البيداغوجية، والمستويات التعليمية والأنماط الشخصية والجنسية والمدرسة بما توفرها من إمكانات التجمع والتفاعل والاتصال هي البيئة الاجتماعية المنظمة التي تتيح إمكانات تطبيقية هائلة لعلم النفس الاجتماعي حول دينامية الجماعات بكل حيثياتها،
    وعلم النفس الاجتماعي بمضامينه وحمولاته المعرفية حول الفرد والجماعة والتفاعل وببحوثه في البيئة التربوية من شأنه أن يساعد الفريق البيداغوجي على اعادة النظر في الوضعيات التربوية على مستوى الفرد والجماعة بما يساهم في بناء تصور افضل للوضعيات البيداغوجية المنتجة . كما يسمح بمعرفة طبيعة التفاعل ومستوياته وحدوث عمليات الادماج، فالمعلومات حول دينامية الجماعة وكيف يحدث التأثير المتبادل بين الفرد والجاعة، وكيف يتمثل الفرد أنظمة الضبط الاجتماعي من شأنها مساعة المدرسة والمعلم على الخصوص على معرفة آليات البيداغوجيا في تحقيق إشباع الفرد لحاجاته للعلاقات الاجتماعية الضرورية لتكيفه المدرسي وتوافقه الاجتماعي ، وقد وضح ميزونوف هذه العلاقة بما يراه من أن دراسة الفرد أصبحت في حاجة ماسة إلى علم النفس الاجتماعي يدرس الشخص كذات متفاعلة باستمرار مع وسطها الاجتماعي والثقافي. ( 7 : 15 ـ 16 ) .

    ـ الحدود بين علم النفس الاجتماعي والعلوم المحاذية : ـ
    نقصد بالعلوم المحاذية تلك العلوم اللاصقة بعلم النفس الاجتماعي وتشاركها في مساحة كبيرة من مجاله المعرفي وهي على الخصوص ( علم النفس، وعلم الاجتماع والأنثربولوجيا وعلوم التربية ) . ويبدوا أن رسم العلاقة بين العلوم التي تبحث الشأن الإنساني كسلوك فردي واجتماعي في بنيته وسياقاته وخصوصا (علمي النفس وعلم الاجتماع بتخصصاتهما وفروعهما ) لم تكن صعبة بالمقارنة بالمحاولات الرامية لرسم الحدود الفاصلة بينها معرفيا نظرا لتداخل موضوعات كل من علم النفس، وعلم الاجتماع، وعلم النفس الاجتماعي، والاشتراك في دراسة الظواهر والموضوعات، وهي العلوم المتاخمة لبعضها البعض، بحيث يصعب رؤية الحدود الفاصلة بينها إلا بصفة وهمية، فتمدد الظاهرة النفس اجتماعية لتشغل مساحات واسعة من مجالات علم النفس من جهة وعلم الاجتماع والأنثربولوجيا من جهة أخرى، يضفي رمادية قاتمة على حدود كل منهم، ورغم ذلك حاول بعض العلماء رصد الحدود بينها، وتباينوا في ذلك وسنقتصر على عرض محاولات بعض علماء الاجتماع كدوركايم التي أسسها على أفكار أستاذه أجست كونت ومحاولات بعض علماء النفس، ومحاولة بلوندل كأستاذ لعلم النفس الاجتماعي، من خلال بحثه نصيب الجماعة في الفرد .
    فبالنسبة لدوركايم ومن قبله أوجست كونت وبعض علماء الاجتماع فرأوا أن علم الاجتماع كما لو أنه علم نظري شمولي عام أو هو علم العلوم تتفرع عنه العلوم الاجتماعية كلها بما في ذلك علم النفس، وعلم الأنثروبولوجيا هو علم ثقافي إنساني يركز على الأدوات الثقافية التي تسهم في تشكيل المدركات والسلوكيات وتطورها لدى الأفراد والجماعات، كما كشف ذلك الأنثروبولوجي ليفي ربول عن الأفكار الجامعة في المجتمع البدائي وكيف أثرت في سلوك الأفراد وشكلت عقولهم ووجهت سلوكهم، كما يميز البعض بين الدراسات الأنثروبولوجية وعلم الاجتماع في أن الأولى تهتم بالوضع الكلي الثقافي للمجتمع كنظم كاملة لها تداعياتها على سلوك المجتمع وأفراده كنظم التربية والثقافة والفرق السلالية والنظم القانونية ونظم القرابة ونظم البيئة الايكولوجية...الخ بينما يتناول علم الاجتماع موضوعات أكثر تخصص كظاهرة الانتحار والتسرب والطلاق والزواج والجريمة، وإضرابات العمال وحقوقهم وواجباتهم ...الخ .
    ومن جهتهم رأى بعض علماء النفس حدودا تفصل بين علم النفس والعلوم المتاخمة، فيحددون مركزية موضوعات علم النفس العام في الفرد ودراسة فردانيته وخصائصه المتميزة وعمقه الشعوري واللاشعوري، بنظرة ومناهج تحليلية وتتفرع عنه بعد ذلك علوما أخرى تكون بطبيعة الحال لها صلة عضوية بعلم النفس العام، إلا أنها قد تتخذ بعض الطرق والمناهج المغايرة، كعلم النفس الاجتماعي الذي تفرض موضوعاته المركزية اعتماد النظرة التكاملية بين الفرد وبيئته. ونعتقد كما يعتقد الكثير من الدارسين أمثال كرتش وكرتشفلد بأن كل من تطورات علم النفس الفردي أو العام وتطورات علم الاجتماع استحالة في النهاية إلى تكون علم النفس الاجتماعي وهو الآن يتطور ليصبح بديلهما من الناحية الأكاديمية. فكما بدأ التأليف فيه موزع بين علماء النفس وعلماء الاجتماع بالتساوي، فإنه الآن في اتجاه الجمع بينهما واستيعابهما في مناهج موحدة تبعا لوحدة وجود الإنسان (فردي واجتماعي ).
    أما محاولات " شارل بلوندل " فنستشفها من خلال ما بحثه بجدية واضحة في مسألة المضمون الاجتماعي للفردية حيث كتب عن نصيب الجماعة في الحياة العقلية يكشف بشكل لا يدع مجالا للشك ما للجماعة من تأثير على مدركاتنا وذاكرتنا ووجداننا بشكل خاص. وبنى ذلك كمبرر لتوزيع دارسة الفرد في هذه النواحي على علم النفس الفيزيولوجي وعلم النفس الفردي وعلم النفس الاجتماعي .
    فالإدراك من حيث هو التحقق من ذاتية الشيء سواء أكان في تجربتنا الماضية أو هو جديد علينا كل الجدة فإنه لا محالة أنه يتوقف على تجربة الفرد الذاتية وهو مشبع بالذكريات مما يجعله أكثر قابلية لتأثير الذاكرة، وهو ما يعد مدخلا واسع لتدخل وتأثير التصورات الاجتماعية في نمط إدراكنا، فالتعبير عن إدراكنا تتم من خلال لغة ذات ألفاظ ومعاني تكون دائما جاهزة وفرها لنا المجتمع الذي نحن في داخل تركيبته فقد كشف برغسون عن العلاقة الوطيدة بين المكان ولغة التعبير عن ما ندركه عقليا في ذلك المكان، ومراقبة المجتمع بقيمه وتقييمه لتطابق اللغة في المعنى، للعادات والمعايير، وهو ما يعطي لعملية الإدراك طابعها الاجتماعي .
    والنماذج الثلاثة من الادراكات( الإدراك الجزئي للكائنات المحسوسة، كالأشخاص والأشياء، والإدراك الحسي أي: إدراك الشكل والجسمية، والإدراك للنوع ) التي حددها وميزها " شارل بلوندل " ووضعها موضع الدراسة من حيث تأثير الجماعة فيها، تؤكد نتائجها على وجود انفصال بين هذه المدركات وتميزها عن بعضها البعض، مما يجعلها أكثر قابلية لتصنيفها وتحديد نوعية دراسة كل منها؛ وبالتالي تحديد حقلها المعرفي، وتأكد ذلك أيضا حين دلت تلك التجارب في المصحات على أثر الجماعة على حياتنا العقلية الاداركية مما يدعوا لفتح مجال واسع لتنوع الدراسات النفسية والمقاربات للوقوف على حقيقتها.
    وتأسيسا على المعطيات التي جمعتها التجارب أمكن للدارس اعتبار الحياة الوجدانية في مضمونها الداخلي ومظاهرها الخارجية وليدة الجماعة، بالقدر الذي تعتبر فيه وليدة الإرادة الشخصية. لاعتبارات ثلاثة كما يحددها بلوندل
    ـ للحياة الوجدانية شروطها العضوية .
    ـ أن الحياة الوجدانية تخضع للأوامر والنواهي والتصورات الاجتماعية المختلفة والمتباينة من مجتمع لآخر ومن عصر لآخر.
    ـ أن لكل فرد مميزاته وخصائصه في الصفات العضوية وصفاته النوعية الاجتماعية. ( 3: 191 ـ 237 )
    وبناء عليه رسم حدود وهمية للعلوم التي تشترك في دارستها. حيث أن التداخل الذي عليها مختلف مظاهر الحياة الانفعالية وتجلياتها جعلها تتوزع بين عدة علوم:
    ـ فيختص علم النفس العام والفردي والفسيولوجي ببعدها الطبيعي ويركز على نطاق الأفعال المنعكسة الشرطية، دون إهمال الجوانب الاجتماعية،
    ـ ويختص علم النفس الاجتماعي ببعدها وطابعها الاجتماعي دون إهمال الاستعانة بعلم النفس الفسيولوجي والفردي ومناهجهما في رصد الجوانب الفردية للحياة الوجدانية
    ـ وبتكامل هذه العلوم ومناهجها يمكن الوقوف على حقيقة حياتنا الوجدانية بشكل أفضل .
    Admin
    Admin
    القائد العام للقوات المسلحة
    القائد العام للقوات المسلحة


    Male
    عدد الرسائل : 256
    العمر : 34
    الموقع : www.yahiaabdou.monally.com
    تاريخ التسجيل : 2007-12-07

    علم النفس الاجتماعي Empty Re: علم النفس الاجتماعي

    Post by Admin Thu Sep 10, 2009 11:05 pm

    لأول وهلة وحتى قبل أن أتعرف عليك أدركت إهتمامك بعلم النفس و لكن الآن أرى أنك إخترته عن قناعة ...

      Current date/time is Mon May 06, 2024 3:29 pm